تصل التكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى من المشروع إلى ما يقرب من 45 مليار دولار، الأمر الذي يشكل تحديًا هامًا أمام تمويل المشروع حال الاستعانة في تنفيذه بمستثمرين مصريين، وذلك لعدم قدرة المستثمرين المصريين على توفير هذا المبلغ سواء من خلال شركاتهم ورؤوس أموالها، أو من خلال البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى.

 

ويعاني الاقتصاد المصري حاليًا من ارتفاع فجوة الموارد بين المدخرات المحلية والاستثمارات التي تستهدفها الحكومة، وتقف هذه الفجوة كعائق رئيسي أمام عملية التنمية بصفة عامة، لكون مدخرات الأفراد في المجتمع غير قادرة على تمويل مستويات الاستثمار التي تستهدفها الدولة.

 

من التحديات التي تواجه الشركات المحلية في تنفيذ هذا المشروع الضخم، هو عدم توافر العمالة الفنية المدربة التي يحتاج إليها المشروع بصفة عامة، وبعض الأجزاء الرئيسية فيه بصفة خاصة، حيث أن الاقتصاد المصري بصفة عامة، وقطاع المقاولات بصفة خاصة يعاني مشاكل في تدريب وندرة العمالة الفنية الماهرة، الأمر الذي سيقيد من قدرة الشركات المحلية على إنجاز أعمال المشروع بأعلى درجات الدقة والإتقان.

 

تحتاج أغلب شركات المقاولات المصرية العاملة في السوق المحلي لتحديث أسطول معداتها لكي تواكب الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع الضخم، ومن الطبيعي أن تلجأ الشركات التي سيقع علىها الاختيار في تنفيذ بعض أجزاء هذا المشروع إلى ضرورة تحديث أسطول معداتها، الأمر الذي يقابله نفقات مالية كبيرة، حيث يتطلب تمويلها سواء من البنوك أو شركات التأجير التمويلي من ناحية، وارتفاع التكاليف التشغيلية على هذه الشركات من ناحية أخرى.

 

المقاولون: قادرون على إنجاز المشروع.. بشرط "مساندة الدولة"

  أكد صلاح دياب، خبير التخطيط العمراني، على ثقته الكبيرة في قطاع المقاولات المصري،    وقدرة القطاع على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، منوهًا على ما يمتلكه هذا القطاع من قدرات تسطيع أن تنفذ المشروع بمهارة تفوق الشركات الأجنبية.

 

وأضاف دياب أن المشروع يزخر بالفرص التي ستسهم في نمو قطاع المقاولات، مع إعطاء مزيد من الفرص للشركات المتوسطة، والتي تمتلك الحصة الأكبر من القطاع، وأردف قائلًا "أن شركات المقاولات تقوم اليوم بأغلب المشروعات التنموية في مصر، وتنفيذها طبقًا للشروط والضوابط المحددة، مشيرًا في ذلك إلى مشروع تنمية محور قناة السويس، ومدينة جبل الجلالة".

 

ومن جانبه، قال شمس الدين محمد، عضو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، إن الشركات المصرية قادرة على التنفيذ، لقدرة القطاع على امتصاص الأزمات، ومثال ذلك شركة طلعت مصطفى، والتي على الرغم من مرورها بظروف صعبة إلا أنها نجحت في إقامة  صرح معماري كبير وهو (مدينتي).

 

وأشار إلى أنه على الرغم من تعامل الشركات الأجنبية بالفيديك واستطاعتها تغيير بنود العقد وهذا لم يتم إتاحته للشركات المصرية حتى الآن، إلا أن الشركات المصرية تستطيع المنافسة بقدراتها الهائلة.

 

وأكد "شمس الدين" على دور القيادة السياسية في دعم المشروع مما يزيد ثقة الشركات وكل القائمين على التنفيذ والجدية، منوهًا على أن هذا المشروع سيساعد في تعزيز فرص نمو قطاع المقاولات مما يعود أثره على الاقتصاد ككل.

  

قال علي مصطفى، عضو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، إن إزالة العوائق من أمام شركات المقاولات ستجعلها قادرة على مواصلة العمل لتنفيذ كافة المشاريع القومية، مشيرًا إلى أهمية وسرعة تعديل قانون المناقصات وإصدار الصيغة النهائية للعقد المتوازن.

 

وأضاف "مصطفى" أن قانون تعويض المقاولون عن الخسائر التي تكبدوها بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، سيقلل من المشاكل التي تواجه الشركات حاليًا، ويجعلها تدخل في مشاريع جديدة، مؤكدًا على قدرة قطاع المقاولات المصري على تنفيذ كل مراحل العاصمة الإدارية الجديدة.

 

بينما قال كرم أبو حجر، رئيس شركة هاوسنج للمقاولات، إن ما تعانيه شركات المقاولات اليوم، يحول دون قدرة الشركات لتنفيذ المشروع، مؤكدًا على وجود أزمة سيولة ضربت قطاع المقاولات بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة دون وجود إجراءات حكومية محفزة لإخراج القطاع من محنته.

 

وأوضح "أبو حجر" أن تكاليف الإنشاء العالية في ظل نقص السيولة أدى إلى عدم قدرة القطاع في الوقت الحالي على الدخول في مشاريع جديدة، مؤكدًا على قدرة قطاع المقاولات المصري على إتمام المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن بشرط إزالة العوائق.

 

وأشار "أبو حجر" إلى أن حجم الودائع المصرفية اقتربت من 2 تريليون جنيه، مع معدل فائدة وصل إلى 20 %، مؤكدًا على قدرة القطاع المصرفي على توفير التمويل اللازم للمشروع، حتى يستفيد الاقتصاد الكلي من سرعة دوران النقود في عصب الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة سيولة حادة، منوهًا على وجود مشاكل أخرى في التشريعات، مثل تعديل قانون 89 الخاص بالمناقصات، وعدم صدور العقد المتوازن حتى الآن.

 

وفي السياق نفسه، قال شريف عبد الكريم، المدير العام للشركة المصرية للتعمير، إن شركات المقاولات المصرية تمتلك قدرات هائلة، ولكن لا يتم استخدامها بالشكل الأمثل، مؤكدًا على قدرة الشركات المصرية على تنفيذ هذا المشروع بشرط مساندة الدولة والجهاز المصرفي معًا في توفير التمويل الضخم المطلوب لتنفيذ هذا المشروع.

 

وأبدى "عبد الكريم" تخوفه من قدرة الدولة على توفير التمويل اللازم للمرحلة الأولى في الوقت الراهن، في ظل أزمة السيولة التي تعاني منها الدولة، ومع احتياج الدولة للعملة الصعبة

 

قال أسامة شلبي، رئيس مجلس إدارة شركة أركان للتطوير العقاري، أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة مليء بالفرص الاستثمارية التي ستكون نقطة بداية لزيادة معدلات النمو في القطاع، مشيرًا إلى أهمية توزيع الفرص الاستثمارية على شركات التطوير، معربًا عن أمله في طرح  المزيد من الأراضي بأسعار مناسبة.

 

وأكد "شلبي" على أن المرحلة الأولى ستكون موجهة للشركات التي تمتلك سيولة كبيرة، وذلك لسرعة التنفيذ التي تم تحديدها بـ 3 سنوات، والتي من الصعب أن يكون للشركات المتوسطة دور في الحصول على فرصة فيها.

 

 وأضاف "شلبي" أن شركات التطوير العقاري تعاني من أزمة في السيولة خاصة في تمويل مشروعات كبيرة مثل "العاصمة الجديدة"، مشيرًا إلى أن الشركات التي تقدمت للمرحلة الأولى تمتلك تصنيف ائتماني عالي لدى البنوك، وتستطيع أن تمول عن طريق البنوك، أما الشركات التي تعتمد على رأس مالها، فمن الصعب الحصول على فرص في هذا المشروع.

 

وأكد المهندس ماجد حلمي، رئيس مجلس إدارة شركة وادي دجلة للتنمية العقارية، أن الفرص متاحة للجميع في المرحلة الأولى من خلال تنفيذ حجم أعمال جيد لكل شركة، مشيرًا إلى أن شركته لا تنوي الحصول على مساحات كبيرة من الأراضي المطروحة.

 

وأضاف "حلمي" أن الشركة لديها محفظة من الأراضي بجوار مشروع العاصمة تمتلكها وهو ما يجعلها بعيدة كل البعد عن التنافس على قطع الأراضي الكبيرة المطروحة فيه.

 

وكشف أن التمويل الذاتي أو المصرفي سيصنف الشركات التي تسعى للحصول على أراضي المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن المشروع يعد نقلة كبيرة في السوق العقاري، على الرغم من أنه يتم تنفيذه في شرق القاهرة، والتي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأراضي.

 

وطالب أن يكون المشروع القومي المقبل في مناطق جديدة كـ "الصعيد" من أجل تنمية مناطق جديدة، وخلق سوق عقاري جديد فيها.